الى من يهمه الامر
الى من يهمه الامر
على رغم مرور أكثر من عامين وخمسة أشهر على منح أبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب ما سمته الحكومة الأردنية «مزايا أبناء الأردنيات»، كمخرج من مأزق مطالبتهم بالجنسية الأردنية وتسهيل حياتهم، تشير تجاربهم إلى أن هذه المزايا لا تزال غير ملموسة، ولم تخرج عن نطاق منحهم بطاقات تعريفية بديلة من بطاقة الهوية الشخصية التي يتمتع بها الأردني.
وهذه البطاقة لم يتبين لأبناء الأردنيات نفعها مع مرور الوقت، غير أنها منعت توقيفهم كلما صادفتهم دورية شرطة في الشارع، لأنهم لا يحملون أي وثيقة إثبات شخصية، على رغم تأكيد مسؤولين أن هذه المزايا ستمنحهم كل الحقوق التي يتمتع بها الأردني باستثناء الانتساب إلى الجيش والأمن. وتكتسب قضية أبناء الأردنيات في المجتمع الأردني حساسية سياسية مفرطة، كون أكثر من نصف أفراد هذه الفئة ينتسبون إلى آباء من أبناء قطاع غزة نزحوا إلى الأردن بعد احتلال إسرائيل القطاع عام 1967، بسبب هواجس التوطين، ورفض الأردنيات تحقيق المشروع الإسرائيلي تحويل الأردن إلى وطن للفلسطينيين، لإنهاء القضية الفلسطينية.
ولم يكتسب من نزحوا من غزة إلى الأردن الجنسية الأردنية، أسوة بمن نزحوا من الضفة الغربية، كون القطاع كان يتبع للإدارة المصرية عند احتلاله، فيما كانت الضفة الغربية متحدة مع الأردن وتحت الإدارة الأردنية.
ومن المفترض وفق القرار الذي أعلنته الحكومة في تشرين الثاني (أكتوبر) عام 2014 أن يتمتع ابن الأردنية بحقوق التملك والاستثمار والتعليم المجاني وخدمات الصحة، وكذلك رخصة القيادة فئة خصوصي والعمل المدني.
ولم يأت قرار منح أبناء الأردنيات هذه المزايا، إلا بعد نضال مديد لمئات الأردنيات اللواتي انضممن إلى حملة اسموها حملة «أمي أردنية» نفذت اعتصامات وفعاليات عدة لإجبار الحكومة على تسهيل حياة أبنائهن.
بيد أن العديد من أبناء الأردنيات يؤكدون أن معظم المؤسسات الرسمية المعنية بهذه المزايا لا تتجاوب مع هذا القرار، باستثناء المجالين الصحي والتعليمي، فيما حق العمل لا يزال كما هو، فأبناء الأردنيات يلاحقون من قبل مفتشي العمل على أنهم غير أردنيين.
وبحسب مدير العلاقات العامة في دائرة الأحوال المدنية مالك الخصاونة فقد تم صرف 56164 بطاقة تعريفية منذ صدور قرار مجلس الوزراء الخاص بمزايا أبناء الأردنيات.
«لم نلمس تغييراً على أرض الواقع»، يؤكد الثلاثيني سليم أحمد وهو ابن لأب مصري الجنسية، مشيراً إلى أن التعليم كان من مثله يحصلون عليه في شكل مجاني حتى نهاية المرحلة الثانوية، فيما الخدمات الصحية في القطاعات الحكومية كانت تقدم لهم بأسعار رمزية.
غير أن سليم الذي فقد أباه وهو لم يتجاوز من عمره بعد أشهراً عدة ، يشير إلى أن السماح له بالتملك أو رخصة قيادة يحتاج إلى موافقة أمنية، ربما لا تأتي، فيما لا تجرؤ أي شركة على توظيف من لا يحمل الجنسية الأردنية، إلا على نظام المياومة الذي يهدر الكثير من حقوقهم العمالية من ضمان اجتماعي وصحة.
أحمد الذي ينتسب إلى أب لبناني توفي وهو لا يزال طفلاً، واضطر للبقاء مع والدته الأردنية في عمان، يؤكد أن الكثير من المؤسسات الرسمية لا تعرف بعد كيف تتعامل مع مثل حالته، ممن يحملون البطاقة التعريفية ولا يحملون رقماً وطنياً، بخاصة أن هذا الرقم ضروري لإتمام معظم المعاملات الحكومية.
ويضيف أن هذه الحال تعطل حياته، لأن هذه المؤسسات تأخذ وقتاً طويلاً في مخاطباتها مع غيرها، لتعرف كيف تتعامل مع حالتي، مؤكداً أن هذه المزايا لم يشعر بها على أرض الواقع.
وبلكنه أردنية يؤكد محمود ذياب، من أب غزاوي: «أنا لم أعش ولم أعرف غير الأردن وطناً. لكني اصطدم مراراً بواقع أن جنسية والدتي الأردنية وميلادي على أرض المملكة لم يكونا كفيلين باعتباري أردنياً».
ويؤكد منسق حملة «أمي أردنية» رامي الوكيل أن البطاقات التعريفية أصبحت ذات فائدة فقط في مجال الصحة والتعليم المدرسي. إلا أن شكاوى أبناء الأردنيات تمثلت في كون واقعهم لم يختلف كثيراً عما سبق باعتبار أنهم درسوا قبل هذا القرار في مدارس حكومية، مطالبين بتطبيق بقية المزايا في شكل فعلي.
من جانبه، قال الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل محمد الخطيب إن المزايا أعفت أبناء الأردنيات من رسوم تصاريح العمل بالإضافة إلى إذن الإقامة، وهو ما يسهل اندماجهم بالمجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق